الخميس، 5 أغسطس 2010

قبسات من الواحات 3.... نكسه وصدام



لم تختلف احداث اليوم الثاني عن احداث اليوم الاول إلا في نوع النشاط الذي شرعنا في العمل فيه فكان اليوم الثاني من نصيب فريق "الاسقف" المعني بتسقيف بيوت البسطاء ممن يعيشون في بيوت غير تامه التسقيف .
ومع دقات العاشره بدأت المهمات , وتوالت البيوت ووفقنا الله ان نكون المجموعه الوحيده في فريق التسقيف التي تنجز اسقف ل 7 حالات وهو رقم قياسي ليوم واحد.
واثناء عملنا في كل بيت كان صاحب البيت يأتي لنا بما يتيسر له فتاره بتمر واخري بشاي واخري بعصير مانجو"كيلو المنجه في الواحات ب5 جنيه وزي العسل"
وفي احد البيوت قدم لنا العصير طفل في الحاديه عشر من عمره فأخذت اكلمه ومن بين الاسئله المعتاده التي نسئلها للاطفال في مثل سنه "انت عايز تطلع ايه ؟"..وكان جوابه مباشره "مش عايز اطلع حاجه" فأعدت عليه السؤال متعجبا فتلقيت نفس الاجابه والعجيب ان الدليل (الرجل الذي يرشدنا لاماكن البيوت) سمع رد الطفل وكان تعليقه
"هوا فيه احسن من انو مش عايز يطلع حاجه " ....
وهنا اجتاحني سؤال ...كيف تكون حياه طفل خاويه من الامثله التي يتمني بعقله الصغير ان يصل اليها و التي وان كانت واهيه كأن يصبح رائد فضاء او عالم ذره وهو لا يعلم ماهيه الذره إلا انها موجوده بداخل عقله ....كيف؟؟؟
لم اجد حتي الان اجابه ..كل ما دار برأسي وقتها هو قول "حسبي الله ونعم الوكيل " فهذا الطفل في رقبه من تركوه بغير قدوه ولا اقصد بالطبع اهله ولكن اقصد من تربعو علي ثروات بلد غنيه بأهلها قبل ثرواتها ولكنهم ابو إلا ان يكنزو الذهب والفضه ويتركوها خاويه علي عروشها .......



وإذا كانت بدايه اليوم الثاني لم تختلف عن بدايه اليوم الاول فنهايه اليوم الثاني حملت من الاختلاف الكثير فمع دقات التاسعه والنصف مساءا بعد ان عدنا من يوم شاق ذهبت الي الغرفه لاحظي بقسط من الراحه .
رفيقي بدا له اليومين السابقين شديدي الجفاف من جانب المتعه والصحبه المبهجه لكنه لم يلبث ان وجد ضالته مع من بدأ شعور الجفاف يلح عليهم ايضا فأرادو ان يحظو ببعض التغيير فعلمو (لا اعلم كيف ولا مِن مَن) ان هناك حفله بدويه ستقام مساء اليوم علي انغام المزامير فبدا لهم الامر شيق وشرعو في تدبير وسيله مواصلات تحملهم الي الحفل .
عرض علي رفيقي ان اذهب معه ..ولا انكر انني كنت سأذهب ولكنني في اللحظات الاخيره تراجعت بعد توفقت لحظات لافكر في الامر .
اول ما دار ببالي هي اسباب وجودي في هذه القافله و بالطبع لم يكن في الذهاب الي حفل بدوي من ضمن هذه الاسباب لانني ببساطه لست في رحله ترفيهيه..
الامر الثاني والاهم هو علمي التام بالصدام الذي سيحدث بين المنظمين الذين يغلب عليهم الطابع الديني وبين العازيمن علي الذهاب لحفل مزماري النغمه......

دون الدخول في ملابسات.... كنت اعلم ان هؤلاء سيعارضون هؤلاء بدعوي الحرمانيه وكان ما توقعت فبعد ان تراجعت وقفت اشاهد من بعيد كما افعل دائما عندما يحدث امامي موقف شائك كهذا وتعريفي للموقف الشائك هوا الموقف الذي اعجز فيه ان انحاز لاحد الطرفين لوقوع الامر في دائره الخلاف المشهور تماما كما في حاله حرمانيه الغناء والمعازف التي نحن بصددها
وهنا توقفت افكر في فعل كلا من الطرفين ..
الطرف الاول(العازمون علي الحفل)..... لو كان الهدف من هذه القافله واضح امام اعينهم لما فكر احدهم ان يستفسر من الاساس عن مثل هذا الحفل وعلي رئسهم رفيقي الذي اذكر ابتهاجه وهو يقول لي عن من اخبره بأمر الحفل "هيا دي الناس الي بتجيب من الاخر "
وهكذا اظن ان جميع من ذهبو للتفريج عن انفسهم لم يفكرو انها 3 ايام وفقط 3 ايام فلتكبح جماح نفسك فيهم ثم لتفعل ما تشاء بعدها !!!.....

اما الطرف الاخر (المعارضون بالحرمانيه ) فهم كمنظمين للرحله لم يقدمو البديل القادر علي التفريج عن هؤلاء ولكن في المجري الصحيح الحلال ....فقط كانو يتحدثون ويتحدثون ويتحدثون ويتحدثون ... والغريب ان حديثهم مكرر وممل ويفتقد الي الجانب الحقيقي للتأثير ...وهذا هو بعينه ما تفتقده المؤسسه الدينيه في بلادنا ...هم يحرمون وينادون بالوقوف عند حدود جامده دون ان يحاول احدهم بناء جسور جديده بين القديم الجامد والحديث المتغير بشده واطراد ..نعم وقف المنظم علي باب النزل وقال لهم ان المزمار حرام وهو برئ مما سيفعلوه وانتظرهم حتي عادو في الثانيه صباحا وعنفهم مره اخري ...


عزيزي المنظم كنت تملك ان تجذب روح الترفيه التي نبتت بداخلهم...... فلتصنع مسابقه شيقه او كنت لتحضر ماده فلميه مفيده ليشاهدها هؤلاء الباحثين عن التغيير وغيرها وغيرها ....فقط اكتفيت بألقاء الحرمانيه في وجه هؤلاء ولم تحاول جذبهم بطريقه غير مباشره جعلتهم يلقون بكلامك عرض الحائط
وهكذا هو الامر دائما ...الامراض العضال التي تتملك مجتمعنا ما هي إلا نتيجه طفيليات صغيره كمثل هذه المواقف ملئنا بها حياتنا دون ان نلقي لها بالا فتتفاقم الامراض ويبلي الجسد وهو بالضبط ما نعيشه الان ولاحول ولا قوه إلا بالله
.....

ليست هناك تعليقات: