الاثنين، 8 مارس 2010

اصوات الموت والحياه



احيانأ كثيره يصنع الانسان اشياء لا يعلم لماذا اقدم عليها ..يغدو ويذهب ليجرب..... وقد يتحول بسبب بعض هذه الاشياء الي مرض ينتشر في الناس ويصيبهم ويدمرهم بعد ان دمر نفسه ..هكذا صنعت ..
كنت بحاجه الي عقلي فأذهبته ولم اكتفي بذهابه بل وشرعت ادمر فيه وليس عقلي فقط فجسدي لم يسلم مني ..ونضجت بداخلي ثمرات الفراغ والخواء ولم اعلم الي اين او لماذا اومتي..وشرعت انشر مرضي وابث عدواي ...بعضهم صدّقت عليهم ظني فأتبعوني ..والبعض اكتفي بالمشاهده من بعيد لكنه لم يتحرك واثر السلامه من المرض....إلا انّ مرضي انيابه طويله وخبيثه وخطير لدرجه اكبر من مجرد الابتعاد عنه ..إن لم تحاربه وتغرس انيابك في صدره اهلكك وإن كنت تشاهده من بعيد ..هكذا كنت انا مريض...مدمن.
كنت اشرب جرعات كافيه لأصل الي غايتي يوميا ولكن ..لا اعلم لماذا هذا اليوم من دون غيره الذي اسرفت فيه في الشراب ...كان يعتريني شعور بالضيق في صدري لم استطع تفسيره ...كنت جالس في سيارتي في الثانيه صباحا انتظر حسام وكريم واحمد لنسافر لنقضي يومين في شقتي بالاسكندريه.

تحول الجو بداخل السياره الي سحابه من الدخان الملتهب بأنفاسي ..مددت يدي لالتقط شريط كُتب علي ظهره "باركينول" او كما يسمونها "الصراصير" قالو لي ان قرص منه كفيل بصناعه عالم اخر بشخصياته واحداثه ... اخرجت قرص منه والقيته في حلقي واتبعته بجرعه من زجاجه الويسكي التي حجزت مكانها بجانبي ..شعرت به يتصادم مع جوانب حلقي وينزلق مع جرعه الويسكي حتي وصلا الي جوفي ..وبدأ مفعوله يتصاعد في رأسي كالجحيم البارد .
ارتخت اطرافي وغصت في ظلام سحابات سيجاره الحشيش القابعه بين اصبعيّ ..واغمضت عينيّ.
ترامي الي مسامعي صوت دقات علي زجاج السياره ....جاهدت جفوني لترتفع لاعلي لتكشف عن عيناي العكرتين ..نظرت في خمول الي الزجاج
"افتح شنطه العربيه ..عشان احط الحاجه"
لم يتلقي حسام جواب حسي او حركي مني ففتح باب السياره وهو ينظر اليّ ممتعضاً..ومد يده وضغط علي الزر.
اخذت نفسا من سيجاره الحشيش وملئت به صدري وكتمته برأتي حتي كادت ان تنفجر ففتحت فمي ونفثت الدخان علي مرآه السياره وانا انظر فيها ..لكنني لم اري وجهي ..ولم اري شئ.
مرت ساعه او ربما دقيقه حتي جاء احمد وكريم بسياره كريم ونزلا ليسلما عليّ وعلي حسام .
نزل كريم من السياره فالتقطت انفه رائحه سيجارتي فمد انفه الي الامام وهو يجذب نفسا ً عميقا الي صدره ..واقترب من السياره وفتح بابي ..ونظر اليّ ..وفهمته..فقد علّمته.
جذب كريم السيجاره من يدي واخذ نفساً وهو يقول
"انا هركب مع ميمو ..حسام اركب انت مع احمد"
"بس يا حبيبي ..هيه ناقصه تشربو انتو الاتنين ..انت مش شايف هوا عامل ازاي ..ده مش شايف ادامه "

اشار حسام الي كريم بالرجوع ..فعاد بوجه ليس كوجهه... وركب مع احمد..واقترب حسام مني.... ثم جذبني وهو يضرب علي وجهي ثم ازاحني ليجلسني في المقعد المجاور وادار محرك السياره وتبِع سياره احمد حتي امسك ببدايه الطريق.
لم افتح عيني ..او فتحتها ...ولم اري سياره احمد امامنا ..كانت خلفنا ..او بجانبنا ..
سمعت الهواء هو يلطم زجاج السياره بقوه ويتسلل من الفراغ الدقيق ففتحت الزجاج فلطمني الهواء وسافرت معه ..ومع حسام.
احسست برعشه بارده في جسدي ففتحت عيني ..ونظرت امامي ..لكنني لم اري شيئا..
احسست بممراره تصعد من معدتي الي حلقي ففتحت فمي وأخرجت رأسي من زجاج السياره وتقيأت ..
"كولو من القرف الي بتشربو"
سمعتها من حسام او ربما من نفسي ..وارتخيت كقطعه ملابس مهلهله وعدت الي جلستي ونظرت امامي ..لم استطع تحمل هذا الضوء المبهر القادم بسرعه فاغلقت عيني ثم فتحتها وقد اتسعت في فزح وصرخت وانا القي بجسدي علي عجله القياده لاديرها
- "حاسب يا احمد حاساااااب"......
-"انت بتعمل ايه يا مجنون ..حاسب حاس......"


شعرت بأن الوقت قد توقفت عقارب ساعاته عن الدوران ..شعرت بنبضات قلبي تتسارع ...بل سمعتها كما سمعت صوت كريم ..كان يأِن في الم ..تصرخ من فمه اصوات الموت الشاحب ...
حاولت ان اتكلم ..لم استطع ..حاولت ان اصرخ فلم استطع ايضا ..لكنني سمعت صوتي ..كان كصوت الموت الناقع... ينتحب..ولا يُسمع.
لم اكن اشعر إلا برقبتي فأدرتها....فوجدت احمد ...و حسام .. وزجاجه الويسكي مكسوره... و الموت بجانبهم ..
اردت ان ازيحها ..فلم يشربو منها ابدا ..طالما شربت منها انا ..وجعلت كريم يشرب..

كريم انينه مازال في اذني ...إنه حي ..لكن الموت يطلبه ...كما يطلبني ..

انحدرت دموعي ..صرخ الالم في قلبي ..وجسدي ..انقبض قلبي ووجهي فأغمضت عيني الغارقه في دموع حارقه ...وفتحتها ونظرت اليه ...كريم ..
فوجدته ينظر اليّ ..ينعي نفسه لي ..قتلتني نظرته ولم امت ..حاولت ان اعتذر له عما فعلته به ..وبهم .
كان يظنني طيب ..وهم ايضا ..لكنني لم اكن او لم اعد طيب ..لم استمع إليهم ..طالما حدثوني احمد وحسام
"حرام عليك نفسك"
"ناقصك ايه عشان توّصل نفسك لكده"
وكريم مازال يإن وانينه يتقطع ..ويقطع اورده قلبي ..وانا اعطيه سجارتي ليشرب ..واقراصي ليغيب ..وكأسي فيشرب ..ويأن .
اوهن الالم قواي ..لكنني قوامت... وانتفضت..وشعرت بجسدي وامرته يحملني فلم يستجب..ارهقته واهلكته ..جسدي..والان اريده بإلحاح ..توسلت اليه فشعرت به اكثر ..فأستجمعت نفسي وجسدي ونهضت ...وامسكت بها...
اقراص الموت.." لفائف الحشيش" ...القيتها بقوه سحقتها ...حطمت زجاجه الويسكي ..ثم سقطت ..

انقبض وجهي ..وقلبي.. فأغمضت عيني الغارقه في دموع حارقه ...وفتحتها ونظرت اليهم فلم اجدهم ..ازداد فزعي والمي ..وشعرت بلطمه قويه علي وجهي ..ثم اخري ..واخري ..

جاهدت لافتح عيني ..وفتحتها ..ثم اغلقتها ونظرت فلم اجده ..كريم
ولم اسمعه..توقف انينه ..ولم يتوقف المي ..
عادت اللطمات تصفعني ... ..وسمعت اصواتهم من جديد ..سمعتها بوضوح ..ولم افهمها ..كانو يصرخون
فصرخ قلبي ولم اصرخ ..
احسست برعشه بارده في جسدي ففتحت عيني ..ونظرت امامي..ورأيت ..ثم سمعت...صوت الحياه

"حمد الله علي السلامه"

ليست هناك تعليقات: